Previous
Next
بركيف تسلاكيان

بركيف تسلاكيان

Oumeima

لم أكن يوماً من محبّي الموسيقى العربية مع أنني عشقت الموسيقى ومارستها بكل أنواعها منذ صغري، ولكن، وللأسف، كلنا تعوّدنا على أن إعلامنا لا يعطي الموسيقى الأصيلة حقّها، وبالتالي أكثر ما وصلني من هذا التراث لم يلفتني في الماضي.

إلى أن سمعت يوماً وفي محض صدفة، موسيقى "أحمد العربي" لمرسيل خليفة وبمرافقة أميمة الخليل. إكتشفت يومها أنني لا أدرك شيئاً عن هذا الفن العظيم والأصيل.

بعدها وبطبيعة الحال كان لا بد لي من الإنخراط أكثر في عالم الموسيقى العربيّة عندما أسّست كورال الفيحاء في طرابلس عام 2003. فاكتشفت أن هذه الموسيقى لا يعلى عليها وأنّها بعظمتها توازي موسيقى الغرب، لا بل تتفوق عليها. عندها أصبح هدف الكورال الأساسي هو تطوير الموسيقى العربيّة من دون تغييرها، ونشرها وتقديمها إلى العالم بحلّة جديدة على طريقة الأكابيلا.

ومنذ ذلك الحين وأنا كلّما تعمّقت بهذه الموسيقى الرائعة، كلما ازداد شغفي لها، خاصّةً مع ألبوم "صوت" الذي يظهر مميّزات التراث العربي الموسيقي من خلال مضمون ألحانه مع اختلاف المقامات والإيقاعات وتركيبة الجمل اللحنية في أغانيه.

من جهة أخرى عندما نسمع "صوت" نشعر أن إدوارد طوريكيان في توزيعاته، وكأنّه يعي تماماً ما يجول في فكر مرسيل خليفة الذي بدوره يخلق من إبداع الشعراء ألحاناً تبهر الآذان.

كل هذا يجعل من "صوت" عملاً مميّزاً، فما بالك إذا قدّم بإحساس الرائعة أميمة الخليل إلى جانب حناجر كورال الفيحاء.

ولكن عملنا لم يكن سهلاً، فبقدر الجمال، كان هناك تحدّي كبير في الآداء من ناحية لفظ الأحرف العربيّة الغير موسيقية في الأكابيلا، كما من ناحية الحفاظ على روحيّة المقامات العربية وثلاثة أرباع الصوت في التوزيع البوليفوني. ولكننا أخيراً نجحنا بأن نحوّل هذه المشاكل إلى مميّزات، وهذا ما يظهر عظمة الموسيقى العربية.

وبعد سنتين من العمل المتواصل، أنا اليوم أؤمن أن "صوت" هو ألبوم تاريخي، فهو الأوّل من نوعه حيث تستخدَم التوزيعات البوليفونية في المقامات العربية وعلى طريقة الأكابيلا، بالإضافة إلى أنه تسجيل طبيعي ومباشر.

ولكي أختم أقول أن الحظ يلعب دوراً كبيراً في حياتنا، وأنا محظوظ جداً كوني أحيا في زمن مرسيل خليفة وأميمة الخليل وإدوارد طوريكيان، وأن معي شبان وشابات يرافقونني بكل إيمان في مسيرة كورال الفيحاء...